محكمة النقض تصدر قراراً مهماً: عدم استحقاق الحاضنة لأجر المسكن في حالة الملكية

في حكم قضائي بارز، أكدت محكمة النقض مبدأ قانونيًا جديدًا يمس قضايا الحضانة والنفقة، حيث أفادت بأن الحاضنة التي تمتلك مسكنًا خاصًا، سواء كان ذلك عن طريق التملك أو الإيجار، أو حتى إذا كانت تعيش مع ذويها في استقرار، لا تستحق أجر مسكن الحضانة. وقد جاء هذا الحكم ليعزز مفهوم حماية الأطفال من التشريد بدلاً من تحقيق مكاسب إضافية للحاضنات.

يأتي هذا القرار متوافقًا مع الحكم الصادر عن المحكمة الدستورية العليا، والتي أكدت أنه لا يجوز إلزام الأب بتوفير مسكن للحاضنة في حال كانت تمتلك مسكنًا أو لديها موارد تكفي للاعتماد عليها. وأشارت المحكمة إلى أهمية مراعاة الواقع الراهن بدلاً من الاعتماد على افتراضات قانونية، مما يعكس فهمًا أعمق لتوازن الحقوق والواجبات.

وفي سياق مشابه، شددت محكمة النقض على أن حق التمكين من مسكن الزوجية أو المطالبة بأجر المسكن يتوقف على عدم وجود سكن بديل. فالأصل في هذا الحق هو حماية الأطفال ومنع تشريدهم، وبالتالي إذا كانت الحاضنة لديها سكن خاص أو إمكانية للإقامة الدائمة مع أهلها، فإن الحماية المطلوبة تكون قد تحققت بالفعل، مما يمنع تحميل الأب أعباءً غير ضرورية.

كما أوضحت محكمة النقض أن قرارات التمكين التي تصدر عن النيابة العامة هي ذات طبيعة وقتية، ولا تؤثر على الحقوق الأصلية في الملكية أو الحيازة. وعليه، تبقى المحكمة المدنية أو الأسرية هي الجهة المختصة في اتخاذ القرارات النهائية فيما يتعلق بمسألة الملكية وأحقية الحاضنة في الأجر أو استمرار الإقامة.

يعتبر هذا الحكم بمثابة تصحيح لفهم خاطئ كان موجودًا حول قرارات التمكين، حيث ظن البعض أنها ملزمة بمعناها الكامل. إلا أن ما أثبتته المحكمة هو أن هذه القرارات ليست سوى خطوات مؤقتة لحماية الحيازة لحين البت في الأمور الأساسية.

وأضاف المتخصص في قضايا الأحوال الشخصية، إبراهيم أبو الحسن، أن هذا الحكم يأتي كخطوة لازمة لوضع حد للاجتهادات المتضاربة في مسائل الأسرة. من غير العدل منح الحاضنة مسكنًا أو أجرًا في الوقت الذي تمتلك فيه شقة خاصة أو تعيش بشكل مريح مع عائلتها، حيث إن الهدف من إجبار الأب على توفير مسكن هو رعاية الأطفال، وليس التربح.

يعكس حكم النقض أيضًا توازنًا حقيقيًا بين مصالح الأطفال وحقوق الآباء، حيث أن هذه القضية التي تحمل طابعًا إنسانيًا عميقًا، تحتاج إلى عناية خاصة بعيدًا عن الزخم القانوني. كما أن المحكمة أظهرت حرصها على الالتزام بمعايير العدالة، مما يساهم في إعادة تنظيم المشهد الأسرى وتحديد المسؤوليات.

من خلال هذا الحكم، يمكن القول إن محكمة النقض قد وضعت حجر الأساس لمبدأ العدالة الواقعية، حيث أكدت أن الحضانة ليست ساحة للاستخدام الشخصي أو الكسب، بل هي تكليف بمسؤولية عظيمة تجاه الأطفال. وهذا الأمر يتطلب تغييرات جذرية في التعامل مع قضايا الحضانة والنفقة وفرض الانضباط أمام المحاكم، مما يستعد لتقليص النزاعات المتكررة التي كانت تجتاح ساحات القضاء.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *