منذ القدم، شكل السم سلاحًا خفيًا يختبئ وراء الهدوء والابتسامات، يقتل بصمت ويترك آثارًا يصعب تمييزها إلا من خلال عيون خبيرة، ومع تزايد جرائم القتل بهذه الوسيلة، تتجدد التساؤلات حول دوافع ارتكابها وطرق الكشف عنها، والعقوبات المترتبة على مرتكبيها، مما يستدعي تسليط الضوء على هذه الظاهرة الخطيرة.
في الآونة الأخيرة، برزت حادثة سيدة المنيا التي أقدمت على تسميم زوجها وأبنائها بدافع الانتقام، حيث علمت بنيته العودة إلى زوجته الأولى، تفاعل المجتمع مع الحادثة كان كبيرًا وانعكس في النقاشات حول أسباب هذه الأفعال، مما ألقى الضوء على أزمة الخلافات الشخصية التي يمكن أن تؤول إلى نتائج مأساوية عديدة.
تبعًا لهذه الجريمة، حدثت واقعة أخرى في منطقة فيصل، حيث تم استخدام السم ضد سيدة وأطفالها الثلاثة بسبب خلافات عائلية، مما يثير قلقًا حول استخدام السم كسلاح جرم هادئ، وهذا يعكس تصاعد الصراع بين الأفراد واستخدامهم لمختلف الوسائل لإيذاء بعضهم دون اعتبار للعواقب الأليمة.
يمثل السم تحديًا كبيرًا للأمن والطب الشرعي، فغالبًا ما تفتقر الجرائم التي تُرتكب به إلى آثار عنف، مما يجعل من الصعب كشف الحقائق وراءها بسهولة، إن الجريمة التي تُنفذ بهذه الطريقة تكون أشبه بالألغاز المعقدة، تحتاج إلى فحوص دقيقة لكشف ملابساتها.
تأتي هنا أهمية دور الطب الشرعي في unraveling تلك الألغاز، حيث تقوم تحاليل السموم بالكشف عن طبيعة المادة السامة، والجرعة المستخدمة، وطريقة دخولها إلى الجسم، هذه النتائج تصبح خيوطًا حاسمة في يد جهات التحقيق، الأمر الذي يساعد في الوصول إلى الحقيقة بطريقة فعالة.
على الرغم من صعوبة تلك القضايا، فقد أثبتت أجهزة وزارة الداخلية فاعلية لافتة في تتبع خيوط الجرائم المشابهة، مستندة على خبرات عناصر البحث الجنائي المدربين على قراءة التفاصيل الدقيقة، فكل اتصال وكل دليل قد يكون مفتاحًا لفهم الجريمة وكشف الجاني.
من ناحية قانونية، يفرض المشرع عقوبات صارمة لمن يُثبت تورطه في القتل باستخدام السم، إذ تُعَد الجريمة “قتلًا عمدًا مع سبق الإصرار”، وعقوبتها يمكن أن تصل إلى الإعدام في حالة توافر الأركان الجريمة، مما يعكس جدية النظام القضائي في مواجهة تلك الأفعال.
إن وجود مثل هذه الجرائم يُظهر جانبًا مظلمًا من السلوك البشري، حيث تتحول الخلافات الشخصية أو مشاعر الغيرة إلى دوافع للقتل، ويُعتبر هذا الأمر مثيرًا للقلق، نظراً لأنه يعكس انزلاقًا أكثر عمقًا نحو العنف داخليًا.
وبالتالي، يبقى الوعي المجتمعي واليقظة الأمنية هما الدرع الأول لمواجهة مثل هذه الجرائم، التي تحاول أن تختبئ وراء صمت الموت، إذ يمثل كل فرد في المجتمع جبهة مهمة في محاربة هذا النوع من السلوكيات السلبية.
 
                    
                    
                                             
                                                     
                                                     
                                                     
                                                     
                                                    